فصل: الجماع الضار:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: موسوعة الفقه الإسلامي



.الجماع الضار:

الجماع الضار نوعان:
الأول: جماع ضار شرعاً، ومراتبه في التحريم بعضها أشد من بعض.
فالتحريم العارض أرق من اللازم كتحريم الجماع حال الإحرام، والصيام، والاعتكاف، وتحريم المظاهر منها قبل التكفير، وتحريم وطء الحائض ونحو ذلك، ولهذا لا حد في هذا الجماع.
وأما التحريم اللازم فنوعان:
الأول: ما لا سبيل إلى حِلَّه ألبتة كذوات المحارم كالأم والبنت، فهذا من أضر الجماع، وهو يوجب القتل حداً.
الثاني: ما يمكن أن يكون حلالاً كالأجنبية، فإن كانت متزوجة ففي وطئها حقان، حق لله، وحق للزوج، فإن كانت مكرهة ففيه ثلاثة حقوق، فإن كان لها أقارب يلحقهم العار، ففيه أربعة حقوق، فإن كانت ذات مَحْرم منه ففيه خمسة حقوق، ومضرة هذا النوع بحسب درجاته في التحريم.
الثاني: جماع ضار طبعاً، وهذا الجماع نوعان:
1- نوع ضار بكيفيته كما تقدم.
2- نوع ضار بكميته كالإكثار من الجماع، فإنه يضعف البصر وسائر القوى، ويسقط القوة، ويطفئ الحرارة الغريزية.

.ما يفعله الزوج إذا دخل على زوجته:

1- يسن للعريس إذا دخل على زوجته أن يسلم عليها، ويلاطفها، ويكلمها، ويضع يده على مقدَّمة رأسها، ويسمي الله تعالى، ويدعو بالبركة قائلاً:
«اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا وَخَيْرَ مَا جَبَلْتَهَا عَلَيْهِ وَأَعُوذ بكَ مِنْ شَرِّهَا وَمِنْ شَرِّ مَا جَبَلْتَهَا عَلَيْهِ». أخرجه أبو داود وابن ماجه.
2- تسن التسمية عند الوطء وقول ما ورد من الدعاء.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قالَ: قالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَوْ أنَّ أحَدَهُمْ إِذَا أرَادَ أنْ يَأْتِيَ أهْلَهُ قال: بِاسْمِ الله، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ، وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا، فَإِنَّهُ إِنْ يُقَدَّرْ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فِي ذَلِكَ لَمْ يَضُرَّهُ شَيْطَانٌ أبَداً». متفق عليه.
3- يجوز للزوج أن يجامع زوجته في قُبلها من أي جهة شاء، مقبلة ومدبرة، من أمامها أو من خلفها، إذا كان ذلك في الفرج.
عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَتِ اليَهُودُ تَقُولُ: إِذَا أتَى الرَّجُلُ امْرَأتَهُ مِنْ دُبُرِهَا فِي قُبُلِهَا، كَانَ الوَلَدُ أحْوَلَ، فَنَزَلَتْ: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} متفق عليه.
4- إذا وطئ الرجل زوجته ثم أراد أن يعود إليها سُن له أن يتوضأ وضوء الصلاة.
عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أتَى أحَدُكُمْ أهْلَهُ، ثُمَّ أرَادَ أنْ يَعُودَ، فَلْيَتَوَضَّأْ». أخرجه مسلم.
5- الغسل بين الجماعين أفضل، ويجوز أن يطوف على نسائه بغسل واحد.
عَنْ أنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ. متفق عليه.
6- يجوز أن يغتسل الزوجان معاً في مكان واحد، ولو رأى منها، ورأت هي منه.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كُنْتُ أغْتَسِلُ أنَا وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ، تَخْتَلِفُ أيْدِينَا فِيهِ. متفق عليه.
7- يستحب أن لا ينام الجنب حتى يتوضأ وضوءه للصلاة.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أرَادَ أنْ يَنَامَ، وَهُوَ جُنُبٌ، تَوَضَّأ وُضُوءَهُ لِلصَّلاةِ، قَبْلَ أنْ يَنَامَ. متفق عليه.
8- الغسل قبل النوم أفضل.
عَنْ عَبْدِاللهِ بْن أَبِي قَيْس قَالَ: سألتُ عَائِشَةَ عَنْ وِتْرِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ الحَدِيثَ. قُلْتُ: كَيْفَ كَانَ يَصْنَعُ فِي الجَنَابَةِ؟ أكَانَ يَغْتَسِلُ قَبْلَ أنْ يَنَامَ أمْ يَنَامُ قَبْلَ أنْ يَغْتَسِلَ؟ قَالَتْ: كُلُّ ذَلِكَ قَدْ كَانَ يَفْعَلُ، رُبَّمَا اغْتَسَلَ فَنَامَ، وَرُبَّمَا تَوَضَّأ فَنَامَ، قُلْتُ: الحَمْدُ؟ الَّذِي جَعَلَ فِي الأَمْرِ سَعَةً. أخرجه مسلم.
9- يستحب أن ينوي الزوجان بنكاحهما إعفاف نفسهما، وإحصانها من الوقوع فيما حرم الله عليهما، ليكتب لهما أجر المباضعة.
عَنْ أبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ نَاساً مِنْ أصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالُوا: يَا رَسُولَ الله! أيَأتِي أحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أجْرٌ، قال: «أرَأيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ؟ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الحَلالِ كَانَ لَهُ أجْراً». أخرجه مسلم.
10- يستحب للعريس صبيحة بنائه بأهله أن يأتي أقاربه الذين أتوه في داره، ويسلم عليهم، ويدعو لهم، ويدعون له.
عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: أَوْلَمَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إِذْ بَنَى بِزَيْنَبَ، فَأَشْبَعَ المُسْلِمِينَ خُبْزاً وَلَحْماً، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِنَّ، وَدَعَا لَهُنَّ، وَسَلَّمْنَ عَلَيْهِ، وَدَعَوْنَ لَهُ، فَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ صَبِيحَةَ بِنَائِهِ. أخرجه النسائي في الكبرى.
11- يحرم على كل من الزوجين نشر أسرار الفراش والوقاع.
قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ [19]} [النور: 19].
12- حسن معاشرة الزوجة، والصبر على ما يصدر منها.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِالله وَاليَوْمِ الآخِرِ فَإِذَا شَهِدَ أمْراً فَلْيَتَكَلَّمْ بِخَيْرٍ أوْ لِيَسْكُتْ، وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ، فَإِنَّ المَرْأةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أعْلاهُ، إِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أعْوَجَ، اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْراً». متفق عليه.
13- تقبيل الزوجة، وملاطفتها، ومداعبتها، وملاعبتها، وهي كذلك.
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِالله رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَفَلْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ غَزْوَةٍ، فَتَعَجَّلْتُ عَلَى بَعِيرٍ لِي قَطُوفٍ، فَلَحِقَنِي رَاكِبٌ مِنْ خَلْفِي، فَنَخَسَ بَعِيرِي بِعَنَزَةٍ كَانَتْ مَعَهُ، فَانْطَلَقَ بَعِيرِي كَأجْوَدِ مَا أنْتَ رَاءٍ مِنَ الأبِلِ، فَإِذَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «مَا يُعْجِلُكَ». قُلْتُ: كُنْتُ حَدِيثَ عَهْدٍ بِعُرُسٍ، قال: «أبِكْراً أمْ ثَيِّباً». قُلْتُ: ثَيِّباً، قال: «فَهَلا جَارِيَةً تُلاعِبُهَا وَتُلاعِبُكَ». متفق عليه.

.حكم إتيان المرأة في الدبر:

1- يجوز إتيان المرأة في قُبلها من أي جهة شاء ما دام في موضع الحرث وهو القبل.
قال الله تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ [223]} [البقرة:223].
2- يحرم إتيان المرأة في دبرها؛ لأنه تنفر منه الفطرة، ويأباه الطبع، لأن الدبر محل الأذى والقذر، وإذا كان الله حرّم الوطء في الفرج حال الحيض العارض، فتحريمه في مكان الأذى والقذر اللازم أشد وأعظم، وفِعْل ذلك موجب للعنة الله، وعلى من فَعَله المسارعة إلى التوبة والاستغفار.
1- قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ [29] إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ [30] فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ [31]} [المعارج: 29- 31].
2- وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَلْعُونٌ مَنْ أَتَى امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا». أخرجه أحمد وأبو داود.

.حكم إتيان الحائض:

يحرم على الزوج أن يطأ زوجته وهي حائض، ومن جامع زوجته وهي حائض فعليه المبادرة إلى التوبة والاستغفار، لارتكابه ما حرم الله.
ويجوز للزوج أن يتمتع بما دون الفرج من الحائض ويباشرها.
فإذا انقطع الدم عنها، وطهرت من حيضها، جاز لزوجها أن يجامعها بعد أن تغسل موضع الدم منها، أو تتوضأ، أو تغتسل، أيّ ذلك فَعَلَتْ جاز له إتيانها، والغسل أفضل وأحوط.
1- قال الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ [222]} [البقرة:222].
2- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَتْ إحْدَانَا إذَا كَانَتْ حَائِضاً، فَأرَادَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أنْ يُبَاشِرَهَا، أمَرَهَا أنْ تَتَّزِرَ فِي فَوْرِ حَيْضَتِهَا، ثُمَّ يُبَاشِرُهَا. قَالَتْ: وَأيُّكُمْ يَمْلِكُ إرْبَهُ، كَمَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَمْلِكُ إرْبَهُ. متفق عليه.

.حكم العزل:

يجوز للزوج أن يعزل ماءه عند الجماع عن الزوجة.
وترك العزل أولى؛ لما فيه من تفويت لذة المرأة، وتفويت كثرة النسل وهو مقصود من النكاح.
1- عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَبَلَغَ ذَلِكَ نَبِيَّ الله صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ يَنْهَنَا. متفق عليه.
2- وَعَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: ذُكِرَ العَزْلُ عِنْدَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: «وَلِمَ يَفْعَلُ ذَلِكَ أحَدُكُمْ؟ فَإِنَّهُ لَيْسَتْ نَفْسٌ مَخْلُوقَةٌ إِلا اللهُ خَالِقُهَا». أخرجه مسلم.
3- وَعَنْ جُدَامَةَ بِنْتِ وَهْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أُخْتِ عُكَّاشَةَ، قَالَتْ: حَضَرْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فِي أُنَاسٍ، وَهُوَ يَقُولُ: «لَقَدْ هَمَمْتُ أنْ أنْهَى عَنِ الغِيلَةِ، فَنَظَرْتُ فِي الرُّومِ وَفَارِسَ، فَإِذَا هُمْ يُغِيلُونَ أوْلادَهُمْ، فَلا يَضُرُّ أوْلادَهُمْ ذَلِكَ شَيْئاً». ثُمَّ سَألُوهُ، عَنِ العَزْلِ؟ فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «ذَلِكَ الوَأْدُ الخَفِيُّ». أخرجه مسلم.

.حكم من حرّم زوجته على نفسه:

من حرّم على نفسه شيئاً حلالاً غير وطء زوجته فله فعله إذا كفر كفارة يمين.
فإذا حرم الرجل زوجته على نفسه كأن يقول: أنتِ علي حرام، فهو على ما نواه من طلاق، أو ظهار، أو يمين، فإذا كفّر حلَّ له وطؤها.
1- قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [1] قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ [2]} [التحريم:1- 2].
2- وعَنْ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إنَّمَا الأعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى». متفق عليه.

.13- أحكام الحمل والولادة:

.صفة خلق الإنسان:

يخلق الله العزيز القدير الإنسان في بطن أمه في ظلمات ثلاث:
ظلمة البطن.. وظلمة الرحم.. وظلمة المشيمة.
ويصوره كيف شاء ذكراً أو أنثى، تاماً أو ناقصاً، أبيضاً أو أسوداً وغير ذلك من الصفات الجسدية والعقلية والأخلاقية.
1- قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [6]} [آل عمران:6].
2- وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا} [الحج:5].
3- وقال الله تعالى: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ [49] أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ [50]} [الشورى:49- 50].
4- وَعَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ وَكَّلَ بِالرَّحِمِ مَلَكاً، يَقُولُ: يَا رَبِّ نُطْفَةٌ، يَا رَبِّ عَلَقَةٌ، يَا رَبِّ مُضْغَةٌ، فَإذَا أرَادَ أنْ يَقْضِيَ خَلْقَهُ قال: أذَكَرٌ أمْ أنْثَى، شَقِيٌّ أمْ سَعِيدٌ، فَمَا الرِّزْقُ وَالأجَلُ، فَيُكْتَبُ فِي بَطْنِ أمِّهِ». متفق عليه.

.كيف تحمل المرأة:

1- تفرز المرأة بأمر الله كل شهر بويضة، فإذا جاء موعد القدر، وجامع الرجل زوجته، لقح الحيوان المنوي من الرجل تلك البويضة، فاتحدت النطفتان، وحملت المرأة، وهي النطفة والأمشاج.
قال الله تعالى: {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا [2] إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا [3]} [الإنسان:2- 3].
2- أكثر ما تلد النساء مولوداً واحداً كل سنة، وقد تلد توأمين ذكرين، أو أنثيين، أو ذكراً وأنثى، وقد تلد ثلاثة أو أكثر.
قال الله تعالى: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ [49] أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ [50]} [الشورى:49- 50].

.أنواع التوائم:

التوائم نوعان:
أحدهما: توأم متشابه: يخلقه الله من حيوان منوي واحد من الرجل، وبويضتين من المرأة، فيكون التوأمان متشابهان تمام التشابه.
الثاني: توأم غير متشابه: يحدث بأمر الله من حيوانين منويين من الرجل يلقحان بويضتين من المرأة، كل واحد يلقح بويضة. والله أعلم.

.سر شبه الحمل:

إذا جامع الرجل زوجته، فإن سبق وعلا ماؤه كان الشبه له، وإن سبق وعلا ماؤها كان الشبه لها بإذن الله تعالى.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أنَّ امْرَأةً قَالَتْ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم: هَلْ تَغْتَسِلُ المَرْأةُ إِذَا احْتَلَمَتْ وَأبْصَرَتِ المَاءَ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ». فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ: تَرِبَتْ يَدَاكِ، وَألَّتْ. قَالَتْ فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «دَعِيهَا، وَهَلْ يَكُونُ الشَّبَهُ إِلا مِنْ قِبَلِ ذَلِكِ، إِذَا عَلا مَاؤُهَا مَاءَ الرَّجُلِ أشْبَهَ الوَلَدُ أخْوَالَهُ، وَإِذَا عَلا مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَهَا أشْبَهَ أعْمَامَهُ». أخرجه مسلم.

.سر الذكورة والأنوثة:

إذا علا ماء الرجل ماء المرأة أَذْكَرا بإذن الله، وإن علا ماء المرأة آنثا بإذن الله تعالى.
عَنْ ثَوْبَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كُنْتُ قَائِماً عِنْدَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَجَاءَ حِبْرٌ مِنْ أحْبَارِ اليَهُودِ –وفيه-: فَقَالَ: جِئْتُ أسْألُكَ عَنِ الوَلَدِ؟ قال: «مَاءُ الرَّجُلِ أبْيَضُ وَمَاءُ المَرْأةِ أصْفَرُ، فَإِذَا اجْتَمَعَا، فَعَلا مَنِيُّ الرَّجُلِ مَنِيَّ المَرْأةِ، أذْكَرَا بِإِذْنِ الله، وَإِذَا عَلا مَنِيُّ المَرْأةِ مَنِيَّ الرَّجُلِ، آنَثَا بِإِذْنِ الله». قال اليَهُودِيُّ: لَقَدْ صَدَقْتَ، وَإِنَّكَ لَنَبِيٌّ، ثُمَّ انْصَرَفَ فَذَهَبَ. أخرجه مسلم.

.حكم الإنجاب بالتلقيح:

الله عز وجل هو الخالق وحده لا شريك له، يخلق ما يشاء بالأسباب، وبدون الأسباب، وبضد الأسباب، وله سبحانه سنة جارية، وقدرة قاهرة، وبيده مقاليد الأمور كلها.
ومن سنته في الإنجاب أن يطأ الرجل المرأة فتحمل منه، وللتلقيح أحوال:
1- إذا حملت الزوجة من مائين أجنبيين، أو من بيضتها وماء أجنبي، فهذا حمل سفاح محرم شرعاً.
2- إذا حملت الزوجة من ماء زوجها بعد انتهاء عقد الزوجية بوفاة أو طلاق، فهذا حمل محرم.
3- إذا كان الماء من الزوجين، والرحم أجنبي مستعار، فهذا حمل محرم.
4- إذا كان الماء من الزوجين وُضِع في رحم زوجة له أخرى، فهذا حمل محرم.
5- إذا كان الماء من الزوجين وُضِع في رحم الزوجة ذات البويضة، يوضع في أنبوب ثم يُنقل إلى رحم الزوجة نفسها، فهذا العمل يَحفّ به عدد من المخاطر والمحاذير، فيباح للمضطر، والضرورة تقدّر بقدرها، وعلى المسلم إذا ابتلي بهذا حسن الاحتياط، وسؤال من يثق بدينه وعلمه، وإجراء ذلك عند طبيب يثق بأمانته.

.حكم تحويل الحمل:

1- الذكر والأنثى إذا كملت أعضاء خلقهما، لا يجوز تحويل أحدهما إلى النوع الآخر.
ومحاولة التحويل جريمة يستحق فاعلها العقاب؛ لأنها تغيير لخلق الله، وهو محرم.
2- من اجتمع في خلقه وأعضائه علامات الرجال والنساء، فينظر في حاله، فإن غلبت عليه الذكورة، جاز علاجه طبياً بما يزيل الاشتباه في أنوثته بالجراحة أو الهرمونات، وإن غلبت عليه الأنوثة، جاز علاجه بما يزيل الاشتباه في ذكوريته.

.مدة الحمل:

أقل مدة الحمل ستة أشهر، وغالبها تسعة أشهر، وغالب مدة الحمل والرضاع ثلاثون شهراً.
1- قال الله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف:15].
2- وقال الله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة:233].

.حكم تناول ما يمنع الحمل:

1- يحرم استئصال القدرة على الإنجاب في الرجل والمرأة، وهو ما يُعرف بالإعقام، ولا يجوز إلا عند تيقن الضرر المحقق.
2- يجوز للمرأة تناول ما يمنع الحمل إذا رضي زوجها، ولم تتضرر بتناوله، ولم يكن المنع من أجل عدم القدرة على النفقة.
ويجوز للمرأة تناول ما يمنع الحمل في الصور الآتية:
وجود الضرر المحقق كأن تكون المرأة لا تلد ولادة عادية.. أو مريضة يضرها أن تحمل كل سنة.. أو ضعيفة لا تطيق الحمل والرضاع والعمل ونحو ذلك من الحالات.
ففي هذه الصور وأمثالها لا مانع من منع الحمل أو تأخيره، إذا رضي الزوجان بذلك، وكان بوسيلة مشروعة لا تضر المرأة، وقرر ذلك طبيب ثقة.
عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَبَلَغَ ذَلِكَ نَبِيَّ الله صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ يَنْهَنَا. متفق عليه.